هجوم سراقب الكيماوي

مصدر الصورة: قاسيون نيوز

لم يكن تاريخ 4 فبراير/شباط 2018 يوما عاديا في حياة الشاب السوري أحمد أيوب شمالي سوريا، فقد كان على موعد مع هجوم بالسلاح الكيميائي من قبل طيران النظام السوري المروحي على مدينة سراقب شمالي سوريا.

بصوت خافت يلفه الحزن، يستذكر أيوب هذا اليوم الحزين، قائلا إنه كان متوجها رفقة زميله ميسرة رحمون لإصلاح برج شبكة الإنترنت وسط مدينة سراقب، بعد أن تعرض لعطل مفاجئ تسبب في توقف الشبكة عن العمل لدى معظم المشتركين.

ويكمل أيوب حديثه للجزيرة نت “أثناء عملنا على إصلاح الشبكة سمعنا صوت طائرة مروحية قادمة من شرقي المدينة، واعتقدنا حينها أنها محملة بالبراميل المتفجرة التي تسقطها طائرات النظام، وسريعا قمنا بالهروب إلى داخل عبّارة قريبة من سوق المدينة، خشية التعرض للقصف”.

ويروي أيوب كيف سمع هو ورفيقه سقوط البراميل في الهواء وهم في حالة ذعر وخوف لم يسبق لها مثيل، لكن الغريب في الأمر أن البراميل لم تحدث أصوات انفجارات كما يحدث في كل قصف، ولدى خروجهما من العبارة شعر أيوب برائحة غريبة، قبل أن تخور قواه ويفقد القدرة على التنفس، ويسقط أرضا مغمى عليه. المصدر:الجزيرة

حادثة سراقب في أروقة الأمم المتحدة

تناولت ناكاميتسو مسؤولة نزع السلاح في إدارة الأمم المتحدة التقرير الثاني لفريق التحقيق وتحديد الهوية التابع لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية (IIT) والذي تناول الحادث الذي وقع في سراقب في 4 شباط/فبراير 2018.

وقالت إن الفريق خلص إلى أن ثمة أسبابا معقولة تدعو إلى الاعتقاد بأنه مروحية عسكرية تابعة لسلاح الجو العربي السوري خاضعة لسيطرة قوات النمر قصفت شرق مدينة سراقب، في حوالي الساعة 21:22 من ذلك اليوم أثناء هجمات كانت جارية على سراقب، وألقت بأسطوانة واحدة على الأقل. تمزقت الأسطوانة وانبعث منها غاز سام، هو الكلور، وانتشرت على مساحة كبيرة مما أثر على 12 فردا معروفين بالاسم.

وقالت الممثلة السامية: “إن نتائج التقرير الثاني لفريق التحقيق وتحديد الهوية التابع لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية مقلقة للغاية. لا يوجد أي مبرر لاستخدام المواد الكيميائية السامة كأسلحة من قبل أي شخص في أي مكان وتحت أي ظرف من الظروف. مع تقديم هذا التقرير، أود أن أكرر دعمي الكامل لنزاهة عمل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية وكفاءتها المهنية وحيادها وموضوعيتها واستقلاليتها”  وشددت ناكاميتسو على أن “أي استخدام للأسلحة الكيميائية غير مقبول على الإطلاق ويشكل انتهاكا خطيرا للقانون الدولي”.

وقالت: “يجب محاسبة المسؤولين عن استخدام الأسلحة الكيماوية، بغض النظر عن هويتهم. إذا لم نتمكن من القيام بذلك، فإننا نسمح باستخدام الأسلحة الكيميائية دون عقاب، وهو أمر يجب عدم التسامح معه. وآمل بصدق أن يتحد أعضاء هذا المجلس بشأن هذه المسألة

المصدر:  أخبار الأمم المتحدة

شاهد وناج

بعد ساعات من جلسات الأكسجين في مستشفى الشفاء بالمدينة، نجح الأطباء في إنقاذ حياة أيوب الذي تبين أنه تعرّض مع آخرين من سكان المدينة لقصف بغاز الكلور السام من مروحيات النظام السوري، لتتكشف حينها تفاصيل إحدى هجمات النظام بالسلاح الكيميائي المحرّم دوليا.

ويصف أيوب نفسه بأنه ناج من الموت المحقق وشاهد على أحد انتهاكات النظام السوري بحق المدنيين السوريين في مناطق سيطرة المعارضة.

وحتى اليوم، لا تزال آثار الإصابة تلازم الشاب أيوب، فهو يعاني من ضيق في التنفس ودوار في الرأس بين الحين والآخر، ويشعر بحالة خوف من أقل صوت مرتفع أو إغلاق باب.

ولدى معرفته بتقرير منظمة حظر الأسلحة الكيميائية عن قصف سراقب الذي كان أحد ضحاياه والناجين منه، طالب أيوب المجتمع الدولي بمحاسبة النظام السوري على جرائمه التي تسببت في مقتل وتهجير مئات الآلاف من السوريين.

المصدر:الجزيرة

سجل حافل

وإذا كانت قصة الشاب أحمد أيوب تروى كشاهد على هذا الهجوم، فإن مئات الضحايا لم ينبسوا ببنت بشفة بل فارقوا الحياة بصمت، ضمن سلسلة من الضربات استخدم فيها النظام السلاح الكيميائي على مدى عقد تقريبا من عمر الثورة في سوريا.

ويمتلك النظام السوري سجلا حافلا بالهجمات الكيميائية على المدنيين في مناطق المعارضة السورية، والتي أزهقت أرواح المئات منهم اختناقا بالغازات السامة، وهي هجمات توزعت على الجغرافية السورية وجاءت في أوقات زمنية مختلفة ترتبط بأحداث عسكرية واقتحام لمدن وقرى سورية.

من أولى الهجمات التي نفذها النظام السوري ما وقع في مارس/آذار 2013 من استهداف بلدة خان العسل بريف حلب، وراح ضحيته 20 قتيلا و80 مصابا، بينهم مدنيون وجنود من قوات النظام ويعتقد أن قوات النظام قامت وقتها للمرة الأولى بتجربة غاز الأعصاب على نطاق ضيق في منطقة موالية للنظام، حتى تلصق التهمة بالمعارضة باستخدام الغازات السامة.

ويعتبر الهجوم على الغوطة الشرقية بريف دمشق في أغسطس/آب 2013 أبرز الهجمات التي نفذها النظام السوري ولاقت ردود فعل عنيفة عالميا، حيث كان من المتوقع أن يكون هناك تحرك عسكري ضده بعد مقتل 1500 مدني وإصابة أكثر من 5 آلاف آخرين، معظمهم من الأطفال والنساء.

وشمالا في ريف إدلب، نفذ النظام السوري هجوما كيميائيا على مدينة خان شيخون في 4 أبريل/نيسان 2017، أودى حينها بحياة أكثر من 100 مدني وأكثر من 400 مصاب معظمهم من الأطفال، وشكل هذا الهجوم صفعة جديدة في وجه العدالة ومحاسبة الجناة.

بعد عام، وفي تاريخ 7 أبريل/نيسان 2018، قصف النظام السوري مدينة دوما -التي كانت تخضع آنذاك للمعارضة السورية- بغاز الكلور السام، وكانت المدينة حينها تقاوم أعنف هجمات النظام السوري البرية، فقتل خلال القصف بالكلور 150 مدنيا وأصيب المئات بحالات اختناق.

المصدر:الجزيرة

تقارير وعقوبة

وقد خلص تقرير أصدرته منظمة حظر الأسلحة الكيميائية إلى تأكيد قيام النظام السوري بقصف مدينة سراقب بريف إدلب عام 2018 بغاز الكلور السام.

وقال التقرير: “هناك أسباب معقولة للاعتقاد بأنه قرابة الساعة 21:22 من يوم 4 فبراير/شباط 2018، ضربت مروحية عسكرية تابعة للقوات الجوية العربية السورية خاضعة لسيطرة قوات النمر شرق مدينة سراقب، بإسقاط أسطوانة واحدة على الأقل، حيث تمزقت الأسطوانة وأطلق الكلور على مساحة كبيرة، مما أثر على 12 فردا”.

ويعتقد عبد العزيز الحمود -وهو أحد أهالي ضحايا القصف على خان شيخون بالكيميائي- أن مقولة “من أمن العقوبة أساء الأدب” تنطبق تماما على الحالة السورية والمجازر الكيميائية، “فالنظام السوري مستمر في الانتهاكات بحق الشعب يوما بعد آخر، بعد أن تأكد أنه سوف يفلت من العقاب بعد عدة انتهاكات”

  المصدر:الجزيرة

تقرير أممي يثبت مسؤولية نظام الأسد عن هجوم 2018 الكيماوي على سراقب

خلصت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بعد إجرائها تحقيقاً، إلى أن النظام السوري قد استخدم غاز الكلور، وهو سلاح كيميائي، في الهجوم الذي شنته طائراته الحربية على مدينة سراقب في العام 2018.

وأعلنت المنظمة في بيان أن فريق محققين من منظمة حظر الأسلحة الكيميائية “خلص إلى أن وحدات من القوات الجوية السورية استخدمت أسلحة كيميائية في سراقب في 4 شباط/فبراير 2018”. وتقع هذه المدينة على بعد 50 كيلومترا جنوب حلب.

واعتبر فريق المحققين المكلفين تحديد هوية الطرف المسؤول عن هجمات كيميائية أن “ثمة دوافع معقولة لاعتبار” أن مروحية عسكرية تابعة لسلاح الجو في جيش النظام “ضربت شرق سراقب بإلقاء برميل واحد على الأقل”.

وأوضح التقرير أن “البرميل انفجر ناشرا غاز الكلور على مسافة واسعة أصابت 12 شخصا ورغم اعتراضات سوريا وحلفائها ومن بينهم موسكو، سمحت غالبية من دول منظمة حظر الأسلحة الكيميائية العام 2018 للمنظمة بفتح تحقيق لتحديد هوية الطرف الذي يقف وراء الهجوم، وليس فقط توثيق استخدام سلاح كهذا.

المصدر: Daily Sabah Arabic

Scroll to Top