لا شك بأن الحرب الدائرة في سوريا وخاصة الضربات الكيميائية المستمرة أثارت استنكارا واسعا بين الأوساط الحقوقية والإنسانية ، كما شهدنا سلسلة من التحقيقات التي أثمرت في وقت سابق بسحب الترسانة الكيمائية .و إدانة المتورطين بلسان الأمم المتحدة
لكن على ما يبدو بأن استمرار الهجمات الكيميائية قد ضرب كل هذه الجهود عرض الحائط، ليعيد إلى المشهد الدولي ضرورة ردع استخدامه ومحاسبة مستخدميه عبر اجتماع لوزراء خارجية بعض الدول المهتمة بمحاسبة مستخدمي هذه الأسلحة
ولطالما كان استخدام السلاح الكيميائي خطاً أحمراً لوصف كبار المسؤولين الدوليين وفي مقدمتهم الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما والذي أكد : على أن استخدام السلاح الكيميائي يعتبر تجاوزا للخطوط الحمراء، إلا أن النظام السوري تجاوز تلك الخطوط مرات ومرات غير مهتم لتحذيرات الدول ومسؤوليها عن تلك الإنتهاكات إبتداءً من الغوطة الشرقية إلى اللطامنة وكفرزيتا وسرمين وتلمنس وخان شيخون و عشرات المدن و البلدات و آخرها تلة الكبينة دون وجود أي آلية دولية رادعة لهذه الأفعال
لقد شهدت الأيام الماضية تصريحاً لوزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو و الذي قال فيه إن الولايات المتحدة خلصت إلى أن نظام الرئيس السوري بشار الأسد استخدم غاز الكلور كسلاح كيميائي في مايو أيار في إطار الحملة على إدلب شمال غرب البلادوأشار بومبيو إلى أن نظام الأسد مسؤول عن فظائع مروعة بعضها وصل إلى درجة جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية، مشيرا إلى إعلان الولايات المتحدة الأمريكية بتأكيدها على استخدام غاز الكلور كسلاح كيميائي في شهر مايو الماضي
حيث لفت الوزير الأمريكي أن الولايات المتحدة ستقوم بكل ما في وسعها لضمان عدم استخدام الأسلحة الكيميائية. في الوقت ذاته أكد جويل رايبورن نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكية المبعوث الخاص لسوريا على أن نظام الأسد لم يتم ردعه لما فيه الكفاية بخصوص استخدام الأسلحة الكيميائية وشدد على أن عدم ردعه قد يدفعه إعادة ملئ مخزونه من الأسلحة الكيميائية
من جهتهم عقدت مجموعة الدول المصغرة حول سوريا اجتماعا على مستوى الوزراء في نيويورك وهي دول الولايات المتحدة ، ألمانيا، فرنسا، بريطانيا، مصر، الأردن، المملكة العربية السعودية، حيث تعهد وزراء خارجية الدول المجتمعة بعدم التسامح مع استخدام النظام للأسلحة الكيميائية معربين عن أسفهم إزاء فشل مجلس الأمن الدولي في الإضطلاع بدوره وحماية المدنيين
وكان المبعوث الأمريكي الخاص لسوريا جيمس جفري كشف عن استخدام الكلور/ كسلاح ولفت جيفري أن العقاب سيكون من ضمن خيارات عدة منها العسكري والدبلوماسي أو عقوبات اقتصادية
إعادة الحديث عن السلاح الكيميائي يأتي بعيد بدء فريق التحقيق الجديد الذي شكلته منظمة حظر الأسلحة الكيميائية لتحديد الجهة التي استخدمت ذخائر محظورة في سوريا، حيث أن الفريق سيحقق في وقوع تسعة هجمات وقعت في سوريا خلال السنوات الخمس الأخيرة
وتأسست منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في عام 1997 كهيئة تقنية لتنفيذ معاهدة عالمية لمنع انتشار الأسلحة، واقتصر تكليفها حتى الآن على تحديد إن كانت هجمات بالأسلحة الكيماوية وقعت أم لا وليس على تحديد الجهة التي نفذت تلك الهجمات
وفي يونيو الماضي شكلت الدول الأعضاء بالمنظمة فريقًا للتحقيق وتحديد الهوية IIT خلال جلسة خاصة في خطوة أثارت انقسامات سياسية كبيرة داخل المنظمة المدعومة من الأمم المتحدة، وحددت المنظمة حاليا الأماكن التي ستجري فيها أول تحقيقاتها خلال السنوات الثلاث القادمةوأيدت الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي الإقتراح الذي قادته بريطانيا لتشكيل الفريق المؤلف من عشرة أعضاء في حين عارضته روسيا وإيران وسوريا وحلفاؤهم
.هذا يعيد إلى الساحة الدولية سيناريو المماطلة في ردع الإستخدام، وهذا ما يؤكده الحقوقيون و مؤسسساتهم بضرورة محاكمة المستخدمين عبر محاكم خاصة بالجرائم الدولية ، وإلزام كافة الأطراف بالامتثال أمام العدالة المفترضة
chemical_attack chemical_weapons CVDCS_sy_org syria_chemical_attack