أصدر فريق منظمة حظر الأسلحة الكيميائية للتحقيق وتحديد الهوية IIT، تقريره الثالث حول حادثة دوما بريف دمشق 7 نيسان/ أبريل 2018، مؤكداً مسؤولية النظام السوري عن ارتكاب ضربات جوية محملة بالمواد الكيميائية على دوما.
ونشر الفريق تقريره في 27 كانون الثاني/ يناير 2023، برقم (S/2125/2023)، عملاً بالفقرة 10 من القرار C-SS-4/Dec.3، لمعالجة التهديد الناجم عن استخدام الأسلحة الكيميائية في حادثة دوما.
وأُنشئ فريق التحقيق وتحديد الهوية IIT (والذي يُرمز له باسم “فريق التحقيق”) التابع لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، عملاً بالقرار الصادر عن مؤتمر الدول الأطراف، والمؤرخ في 27 حزيران/ يونيو 2018.
ونوه التقرير إلى أن فريق التحقيق ليس هيئة قضائية تمتلك السلطة لإسناد المسؤولية الجنائية للأفراد، ولا يمتلك سلطة إجراء استنتاجات نهائية بشأن عدم الامتثال لاتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية، إنما ولاية الفريق هي “إثبات الوقائع”.
كما شرح هذا التقرير التحديات القانونية والعملية التي ينطوي عليها عمل فريق التحقيق، واستنتاجاته التي توصل إليها من خلال التحقيقات التي أجريت ما بين كانون الثاني/ يناير 2021 حتى كانون الأول/ ديسمبر 2022، في حادثة مدينة دوما التي حصلت بتاريخ 7 نيسان/ أبريل 2018.
وكان فريق التحقيق IIT بدأ عمله في حزيران/ يونيو 2019، معتمداً على ما أثبتته بعثة تقصي الحقائق FFM من استخدام أسلحة كيميائية على أراضي الجمهورية العربية السورية في حوادث عدة، من دون أن تتوصل آلية التحقيق المشتركة بين المنظمة والأمم المتحدة إلى استنتاج نهائي بشأنها.
وأكد التقرير أن فريق التحقيق لم يستطع الوصول إلى مواقع الحوادث في الجمهورية العربية السورية، معرباً عن أسفه لعدم سماح النظام له القيام بمهامه على الرغم من الطلبات المتعددة التي قدمتها الأمانة الفنية إلى النظام السوري وتعهد سلطات النظام بالتعاون مع الأمانة الفنية بموجب الفقرة 7 من المادة 7 من اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية، والالتزام الواقع على سوريا بموجب القرار 2118 لعام 2013، الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بأن تتعاون سوريا بشكل كامل مع المنظمة.
استهداف مدينة دوما بريف دمشق 7 نيسان/ أبريل 2018
حصل فريق التحقيق على 66 من إفادات الشهود وقيمها، منها 5 إفادات قدمتها نساء، ونظر في بيانات متعلقة بـ70 عينة، كما حصل على مقاطع فيديو ووثائق ومواد أخرى من مصادر مختلفة عن الحوادث، وحلل العينات، وطلب تقييمات من خبراء واختصاصيين ومعاهد بحث جنائي، كما جمع المعلومات من مصادر مفتوحة.
وأثناء جمع الفريق للمعلومات والتأكد منها وإجرائه للمقابلات، تواصل مع كيانات محلية ساعدته في تقديم بعض المعلومات منها كيانات تحت رعاية الأمم المتحدة.
وتحدث التقرير بشكل مفصل عن أنشطة الفريق والنهج المتبع أثناء التحقيق، والسيناريوهات والادعاءات التي توصل إليها، كما شرح عن الوضع العام في المنطقة، وسياق الأنشطة العسكرية الخاصة بكل حادث.
ويتسق النهج الذي سلكه فريق التحقيق أثناء عمله ضمن تقرير حادثة دوما، مع النهج المتبع في التقريرين الأول والثاني، وذلك من خلال تحليل المعلومات التي تلقاها من بعثة تقصي الحقائق FFM وطلب المعلومات من الدول الأطراف ومنظمات دولية وأخرى غير حكومية، وإجراء تقييم لإفادات الشهود، وحصوله على مقاطع فيديو ووثائق ومواد من مصادر شتى، بالإضافة إلى طلب إعادة فحص التحاليل السابقة للعينات، وغيرها.
وخلص التقرير إلى أنه واستناداً إلى جميع المعلومات التي حصل عليها، وحللها، تبين أنه وفي الساعة 19.40 بالتوقيت المحلي، من يوم 7 نيسان/ أبريل 2018، أثناء هجوم عسكري واسع النطاق، قامت مروحية من طراز 8/17 -Mi تابعة لقوات النمر في القوات الجوية التابعة للنظام السوري، بعد أن انطلقت من مطار الضمير الجوي، بإسقاط أسطوانتين صفراويتين على مبنيَين سكنيَين في مركز مدينة دوما.
وبحسب التقرير فإن إحدى الاسطوانتين ارتطمت بأرضية سطح مبنى مكون من 3 طوابق (من دون أن تخترقه اختراقاً كاملاً) وتمزقت وانبعث منها غاز الكلور السام، بنسبة تركيز عالية جداً، أدى ذلك لمقتل 43 شخصاً (تمكن الفريق من معرفة أسمائهم)، وإصابة العشرات.
وارتطمت الاسطوانة الثانية بسطح مبنى سكني مكون من 3 طوابق ولكنه غير مسكون، واخترقته لتسقط في الشقة التي تحت السطح، وتمزقت الاسطوانة جزئياً وبدأ الكلور ينبعث منها ببطء، ما أدى لإصابة مَن وصل أولاً إلى موقع الحادثة بإصابات خفيفة.
وأشارت مصادر “ذات مصداقية” إلى أن قائد قوات النمر (وهي وحدة النخبة تقاتل في جبهات شتى في سوريا) العميد سهيل الحسن، قد أدى دوراً قيادياً في العملية، إذ فُوض إليه قدرٌ كبير من مسؤولية القيادة، إلى جانب وحدات الحرس الجمهوري.
ووفق المعلومات التي حصل عليها فريق التحقيق فإن قوات النمر بدأت الوصول إلى غوطة دمشق الشرقية في 13 شباط/ فبراير 2018، وهذا ما أكدته صور ومقاطع فيديو نُشرت على حسابات إلكترونية تابعة لأفراد في كل من جيش النظام وقوات النمر، كما انتشرت صور في 17 شباط/ فبراير 2018 للعميد سهيل الحسن وهو يلقي خطاباً على جنوده ويحيط به عناصر أمنية تابعة للجيش الروسي، ووعد الحسن في خطابه إلى تلقين “قوات العدو” درساً “في القتال وفي النار” وفق تعبيره.
وأكد التقرير أن فريق التحقيق توصل إلى استنتاجاته تدريجياً، بعد النظر إلى نظريات شتى، واعتبر ما توصل إليه أنها الاستنتاجات الوحيدة التي يمكن التوصل إليها على نحو معقول “بناء على ما حصل عليه من معلومات مجتمعة”، وبناء على أساس معيار “الأسباب المعقولة” من معايير درجة اليقين.
assad_regime chemical_attack chemical_weapons douma IIT opcw syria