تقرير: استخدام النظام السوري للأسلحة الكيميائية يؤثر على سيناريوهات انتشار تلك الأسلحة 

Image source: wikimedia

اعتبر تقرير صادر عن مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS)، أن “فشل” المجتمع الدولي في ردع أو محاسبة رئيس النظام السوري بشار الأسد، بسبب استخدامه الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين، سيشجع “الآخرين” على استخدام تلك الأسلحة.   

وحمل التقرير عنوان “التوجهات الجديدة في استخدام الأسلحة الكيميائية في الشرق الأوسط”، في 16 تشرين الأول/ أكتوبر 2016، وكتبته ناتاشا هول، مسلطاً الضوء على عودة الأسلحة الكيميائية إلى الظهور في المنطقة، ومخاطر ضعف الاستجابة الدولية ضد محاسبة الأسد. 

تحدث التقرير عن الهجوم الكيميائي المحمل بمادة السارين على الغوطة في ريف دمشق، في آب/ أغسطس 2013، وكيف أعقبت الحادثة موجة غضب دولي دعت لبذل الجهود للقضاء على الترسانة الكيميائية السورية بالتعاون مع روسيا، وكيف تلاشت المساءلة عن جرائم الحرب في سوريا، وتلاشى معها التعاون الروسي للتحقيق في الهجمات الكيميائية وتحديد المسؤولين عنها. 

ووصف التقرير كيف انتهك نظام الأسد المعايير الدولية ونجا من الحساب، محذراً من أن تلك الأحداث قد تدفع جميع الدول للتفكير في استخدام الأسلحة الكيميائية (من دون حساب) كما فعل الأسد.

ومع توقف استخدام الأسلحة الكيميائية في منطقة الشرق الأوسط لمدة 25 عاماً (حتى ظهرت مرة أخرى في سوريا تحت حكم الأسد)، واستخدام النظام السوري للأسلحة الكيميائية والمنافسة العالمية المتزايدة التي تكسر الإجماع حول المعايير المشتركة مثل اتفاقية الأسلحة الكيميائية، فتوقع التقرير أن تكون الظروف مهيأة مرة أخرى لانتشار الأسلحة الكيميائية واستخدامها مجددا في الشرق الأوسط وخارجه. 

وعن احتمال عودة تهديدات الأسلحة الكيماوية إلى الشرق الأوسط وما يمكن للولايات المتحدة أن تفعله حيال ذلك، أجرى برنامج الشرق الأوسط التابع لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، تحقيقاً لتقييم ذلك الاحتمال، وقد حظي المشروع بدعم وكالة الحد من التهديدات الدفاعية. 

المنهجية

واعتمدت منهجية المشروع على البحث المكتبي، وإجراء 43 مقابلة مع مسؤولين (حاليين وسابقين) في الولايات المتحدة وحلفائها  ومسؤولين من منظمة حظر الأسلحة الكيميائية والمحكمة الجنائية الدولية، وخبراء في الأسلحة الكيميائية والحد من التسلح، ومدعين عامين ومحققين، وناجين، ومنشقين عن النظام السوري. 

وقد قيّمت المقابلات والاختبار العملي احتمال حدوث موجة ثانية من انتشار الأسلحة الكيميائية في الشرق الأوسط وحددت الطرق التي يمكن للولايات المتحدة من خلالها الحد من هذا التهديد.

التحليل

كشف تحليل مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية عن عدة اتجاهات مثيرة للقلق، إذ يعتقد أغلب الخبراء أن المحظور ضد استخدام الأسلحة الكيميائية في الشرق الأوسط أصبح في خطر وربما تآكل بالفعل. 

وأكد الخبراء على فائدة التأثيرات النفسية لهذه الأسلحة، حيث تبث الرعب حتى عند استخدامها دون دقة كبيرة، والحقيقة الصادمة وفق التقرير هي أن المواد الكيميائية الصناعية السامة المستخدمة كأسلحة مثل الكلور يمكن أن يكون لها العديد من التأثيرات نفسها التي تخلفها العوامل التي تحظرها اتفاقية الأسلحة الكيميائية على وجه التحديد، مثل السارين، وبالتالي، فإن أي طرف تقريباً قادر على استخدام الأسلحة الكيميائية بفعالية مخيفة. 

كما وجد مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية أن حلفاء الولايات المتحدة وخصومها ربما يتعلمون من استخدام سوريا للأسلحة الكيميائية، فقد أثار استخدام الحكومة السورية لعوامل من الجدول الأول مثل السارين إدانة دولية سريعة، ولكنها استخدمت مواد كيميائية سامة مثل الكلور مراراً وتكراراً مع إفلات نسبي من العقاب. 

واعتبر التقرير أن تجربة استخدام النظام السوري للأسلحة الكيميائية، بالإضافة إلى غموض اتفاقية الأسلحة الكيميائية (فيما يتعلق بالمواد الكيميائية السامة، وعوامل مكافحة الشغب، والمواد الصيدلانية) قد يُغري بعض الدول بتصعيد الهجمات بهذه المواد تدريجياً، واختبار حدود المساءلة الدولية.

بالإضافة إلى ذلك، أكد التقرير أن النظام السوري أظهر استراتيجية ناجحة في استخدام المواد المدرجة في الجدول الأول بشكل مقتصد للردع الداخلي والخارجي، مع استخدام هجمات بغاز الكلور في عمليات عسكرية أكثر تكتيكية، وربما يعتقد الخصوم المحتمل استخدامهم للأسلحة الكيميائية أنهم قادرون على الصمود في مواجهة العقوبات الاقتصادية وغيرها من أشكال الإدانة الدولية تماماً كما فعل النظام السوري. 

وعلى الرغم من سهولة استخدام الأسلحة الكيماوية التقليدية كأسلحة، إلا أنه يمكن للجهات الفاعلة غير الحكومية أن تبدو أقل تهديداً لمحرمات الأسلحة الكيماوية من الجهات الفاعلة الحكومية، رغم أن الأخيرة قد تلوم الجهات غير الحكومية في الهجمات “المخادعة”، وفق تقدير الخبراء. 

النتائج والتوصيات 

دعا التقرير إلى 7 نتائج متعلقة باستراتيجية الولايات المتحدة، وجملة من التوصيات التي قد تساهم في تمكين دورها في المنطقة، نذكر منها: 

  • تضاؤل الحظر المفروض على استخدام الأسلحة الكيميائية منذ بدأت سوريا في استخدام الأسلحة الكيميائية في عام 2013. قد يؤدي إلى استعداد حكومات الشرق الأوسط، بما في ذلك شركاء الولايات المتحدة وحلفاؤها، لاستخدام الأسلحة الكيميائية إذا كان هناك تحد كبير لأنظمتها.
  • من المرجح أن تتصرف الدول دون عقاب إذا ما خففت من استخدام الأسلحة الكيميائية. ومن خلال التعلم من مثال سوريا، يمكن للجهات الفاعلة أن تختبر حدود الغضب والإدانة الدولية وترفع تدريجياً عتبة السلوك غير المقبول.
  • من المرجح أن ينشر مستخدمي الأسلحة الكيميائية معلومات مضللة ويعرقلون جمع الأدلة للتهرب من المساءلة، وهذا يحد من فعالية التحقيقات ويشجع على الاستخدام، ما يؤدي تدريجياً إلى تدهور اتفاقية الأسلحة الكيميائية.

عن كاتبة التقرير والمركز 

ناتاشا هول هي زميلة بارزة في برنامج الشرق الأوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن العاصمة، لديها خبرة تزيد عن 15 عاماً، كمحللة وباحثة وممارسة في حالات الطوارئ الإنسانية المعقدة والمناطق المتضررة من الصراع مع تخصص في الشرق الأوسط. ومؤخرًا، عملت على الصراع السوري مع عدة جهات ومنظمات فاعلة. 

ويعد مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS)، منظمة بحثية سياسية مستقلة غير ربحية، تأسس في الولايات المتحدة عام 1962.

Scroll to Top