تقرير بعثة تقصي الحقائق حول الحوادث التي وقعت في محافظة إدلب بين 16 آذار /مارس و2 أيار /مايو 2015

شهدت محافظة إدلب مطلع العام 2015 عدة هجمات باستخدام غازات سامة، وذلك بالتزامن مع معارك واسعة خاضتها الفصائل المقاتلة للسيطرة على المحافظة، حيث تم تكليف بعثة تقصي الحقائق التابعة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية (FFM)، من قبل المدير العام لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، بتاريخ 1 أيار / مايو 2015، بالتحقيق باستخدام الغاز السام وخاصة الكلور، كسلاح في محافظة إدلب، دون إسناد المسؤولية حول الجهة التي استخدمت هذا السلاح. 

البعثة الأممية بدأت عمليات تقصي الحقائق، وأصدرت تقريرها  (S/1319/2015) بتاريخ 29 تشرين الثاني / أكتوبر 2015، وذلك بعدما أجرت مقابلات مع الشهود من ضحايا ومسعفين وأطباء، خارج موقع الاستهداف، بسبب صعوبة الوصول إلى تلك المناطق في ذلك الوقت.

وأشار تقرير بعثة تقصي الحقائق إلى أنه على الرغم من وجود عدة منظمات غير حكومية لديها إمكانية الوصول إلى المرشحين من الشهود لإجراء مقابلات معهم، إلا أن منظمة واحدة فقط وهي “مركز توثيق الانتهاكات الكيميائية في سوريا” (CVDCS)، كان لديها القدرة على تأمين الشهود ونقلهم إلى بلد ثالث، للاستماع إلى شهادتهم بشكل آمن.

وأشار التقرير إلى أن “مركز توثيق الانتهاكات الكيميائية في سوريا” (CVDCS)، قدم قائمة تضم حوالي 150 شخصاً، قد يكون لديهم معلومات حول الحوادث التي وقعت في محافظة إدلب، من منتصف إلى نهاية آذار / مارس 2015، مضيفاً أن مركز توثيق الانتهاكات الكيميائية في سوريا (CVDCS)، حدد 50 فرداً من هؤلاء على استعداد للمقابلة، اختار الفريق منهم 30 شخصاً للمقابلات، بعد مراعاة عوامل العمر والجنس والعلاقة بالحادث (ضحية، شاهد عيان، مسعف أولي، ممرض، طبيب معالج)، وعدد الحوادث، والموقع الجغرافي.

التقرير أشار إلى أن الحوادث التي حقق فيها سبعة في كل من: قميناس، سرمين، بنش، مدينة إدلب، سراقب، النيرب، كورين.

1 – قميناس:

أكد تقرير فريق بعثة تقصي الحقائق، أن إفادات الشهود أشارت إلى أن الاستهدافات وقعت في 16 آذار / مارس 2015، بين الساعة 8 – 9 مساء، حيث أسقطت مروحية مرت فوق قميناس، عنصرين “برميلين متفجرين” أصابا الأهالي بحالات اختناق، وتم نقل 60 شخصاً للعلاج إلى مستشفى سرمين الميداني، عشرون منهم كانت إصاباتهم متوسطة، وأربعون منهم حالاتهم خفيفة.

2 – سرمين: 

أكد تقرير فريق بعثة تقصي الحقائق، أن إفادات الشهود أشارت إلى أن الاستهدافات وقعت في 16، و23، و26 آذار / مارس 2015، و 16 أيار / مايو 2015.

وأضاف الشهود أنهم سمعوا بتاريخ 16 آذار / مارس 2015، صوت المروحيات لكنهم لم يروها على اعتبار أن الحادثة وقعت بين الساعة 10.30 – 11 ليلاً، وأنهم شموا روائح الكلور، حيث تم إسعاف 42 ضحية، 31 منهم تم علاجهم في مستشفى سرمين، و11 في مستشفى سراقب، وتم تصنيف كافة الحالات على أنها بين المتوسطة إلى الشديدة.

وقد أسفر الهجوم على سرمين في 16 آذار / مارس 2015، عن وفاة ستة أشخاص هم عائلة كاملة، أم وأب وابنهم الكبير توفوا في المستشفى، وجدة وبنتان كانوا قد فارقوا الحياة عندما وصلوا إلى مستشفى سرمين.

وفي 23 آذار / مارس 2015، سمع الشهود صوت مروحية ألقت برميلا متفجراً بين الساعة 1 – 3 فجراً، وأكد الشاهد وهو أخصائي طبي، تعرض 5 أشخاص لإصابات خفيفة.

وفي 26 آذار / مارس 2015، سمع الشهود صوت مروحية ألقت برميلا متفجراً بين الساعة 1.45 – 2.30 فجراً، على منزل غير مأهول، ما أسفر عن إصابة 6 أشخاص، جميعهم تعرضوا لإصابات خفيفة.

وفي 16 أيار / مايو 2015، سمع الشهود صوت مروحية ألقت برميلا متفجراً حوالي الساعة 2.00 فجراً، وذكر الأخصائي الطبي الشاهد إصابة 4 أشخاص هم رجل وامرأة وطفلان، ثلاثة منهم حالاتهم خفيفة، أما الرجل فكانت حالته متوسطة

3 – بنش:

أكد تقرير فريق بعثة تقصي الحقائق، أن الاستهداف وقع بتاريخ 23 آذار / مارس 2015، عند الساعة 7 مساء، وأشار الطبيب الشاهد لإصابة 21 شخصاً بينهم 10 حالات خفيفة و10 حالات متوسطة وحالة حرجة، حيث أبلغ المرضى الطبيب المعالج بأنهم شموا رائحة الكلور.

4 – مدينة إدلب:

أكد تقرير فريق بعثة تقصي الحقائق، أن إفادات الشهود أشارت إلى أن الاستهدافات وقعت في 31 آذار / مارس 2015، و16 نيسان / أبريل 2015، و16 أيار / مايو 2015.

وأضاف الشهود أنه بتاريخ 31 آذار / مارس 2015، شوهدت مروحية وهي تلقي عنصراً واحداً “برميلاً متفجراً” عند المبنى الإداري في مدينة إدلب، وعند الانفجار ظهرت سحابة صفراء وخضراء اللون، وعنصراً آخر عند دوار المحراب، بين الساعة 11 – 2 ظهراً، وأنه عقب الاستهداف انتشرت روائح الكلور، ما أسفر عن إصابة 38 شخصاً جميعهم ظهرت عليهم أعراض خفيفة.

وفي 16 نيسان / أبريل 2015، أسقطت مروحية عنصراً واحدا “برميلا متفجراً” في إدلب، عند الساعة 12.30 – 1 بعد منتصف الليل، عقبها انتشار روائح الكلور، وظهرت الإصابات على 20 شخصاً.

وفي 20 أيار / مايو 2015، لم يتمكن الفريق من العثور على معلومات مهمة.

5 – النيرب:

أكد تقرير فريق بعثة تقصي الحقائق، أن إفادات الشهود أشارت إلى أن الاستهدافات وقعت في 27 نيسان / أبريل 2015، و1 أيار / مايو 2015، و2 أيار / مايو 2015.

وأضاف الشهود أن حادث 27 نيسان / أبريل، وقع عند ساعات الصباح دون تحديد دقيق، وأن حادث 1 أيار / مايو حدث قبل منتصف الليل، واستهدفا الأحياء السكنية، حيث تم الإبلاغ عن روائح الكلور.

أما حادثة 2 أيار / مايو 2015، فوقعت عند الساعة 4.30 فجراً، وجمع الفريق معلومات حول 2 وفاة شخصين هم أب وابنه، وأشار الفريق إلى أنه تلقى عينتين من مركز توثيق الانتهاكات الكيميائية في سوريا، عبارة عن شعر ودم تم أخذها من الطفل الميت، لكنها لم تكن كافية لإجراء التحليل المخبري عليها.

6 – سراقب:

أكد تقرير فريق بعثة تقصي الحقائق، أن إفادات الشهود أشارت إلى أن الاستهداف وقع في 2 أيار / مايو 2015، عند الساعة 4.30، وبلغ الأشخاص الذين تمت مقابلتهم عن عدد تقريبي من الضحايا وصل إلى 70 شخصاً، إلا أن المعلومات لم تكن مباشرة، ولم يتمكن التحقق من المعلومات من مصادر مختلفة مثل الأطباء والشهود المباشرين، إلا أن أحد الشهود أكد وجود روائح كيميائية قوية.

7 – كورين:

أكد شاهد أنه في منتصف نيسان / أبريل 2015، كان في حافلة مع 6 من أصدقائه بين الساعة 6.30 – 8 مساء، حيث كانت مروحية تحوم في الجو بالقرب من كورين، فاحتموا منها، وبعد ذلك سمعوا صوت سقوط شيء في الهواء، ثم صوت انفجار خفيف تبعته رائحة كلور، ولم يتمكن فريق بعثة تقصي الحقائق من التأكد من هذه المعلومات من مصادر أخرى.

الذخائر المستخدمة:

أشار تقرير فريق بعثة تقصي الحقائق إلى أن الذخائر المستخدمة في الاستهدافات التي تمت في محافظة إدلب كانت على الشكل التالي:

أسطوانات معدنية “براميل” ذات أحجام متعددة فيها:

  • عبوات بلاستيكية متعددة 
  • سلك تفجير
  • فتيل
  • موصلات متعددة 

وأضاف التقرير أن الذخائر المستخدمة في القصف، كان يتم إلقاؤها من مكان مرتفع، حيث كانت آثار الارتطام في الجزء الأمامي من هذه الذخائر واضحة بعد انفجارها، وذلك في حالة احتواء الذخائر على زعانف توجيه جانبية، فيما يكون الارتطام جانبياً في حالة عدم وجود زعانف، وفي كلتا الحالتين يكون السقوط حراً من السماء، خاصة وأنه لم يكن هناك وجود لأجزاء محرك إطلاق.

وأشارت استنتاجات فريق بعثة تقصي الحقائق إلى أن آثار الانفجار تشير إلى أنه لم تكن هناك كمية كبيرة من مواد التفجير في هذه القنابل.

from FFM report S13192015
from FFM report S13192015

الاستنتاجات:

وأكد فريق بعثة تقصي الحقائق التابع لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، في استنتاجاته، على أن الواقع المعقد في محافظة إدلب، لم يسمح له بزيارة المنطقة المستهدفة، إلا أن مركز توثيق الانتهاكات الكيميائية تمكن من تأمين إجراء مقابلات في مكان مناسب للطرفين، وأن هذه المقابلات لا يمكن لها أن تسفر عن قصة موجهة خاصة وأنه لا دليل على تلقيهم تدريباً على ذلك.

وأضاف تقرير الفريق إلى أن شهادات الطاقم الطبي الذي كان موجوداً في أماكن بعيدة عن الحادثة، أضفت درجة جيدة من المصداقية على العلامات والأعراض الطبية التي كشف عنها الضحايا.

وأضافت الاستنتاجات أن العلامات والأعراض تتفق مع التأثيرات التي تسببها المواد الكيميائية التي تؤدي في المقام الأول إلى تهيج الأنسجة مثل الأنف والعين والحنجرة والرئتين، وأن الأدلة التي تم الحصول عليها تعطي الفريق درجة معقولة من الثقة أن مادة كيميائية أثرت على الناس في مواقع مختلفة في محافظة إدلب.

وكشف التقرير أن نتائج التحليل الكيميائي تشير إلى وجود البولي ايثيلين تريفثالات، إضافة للمنغنيز والكلوريد والبروميد، وأن نسبة البوتاسيوم إلى المنجنيز، يعطي اللون الأرجواني الأحمر، الذي أشارت وسائل الإعلام مفتوحة المصدر والمقابلات، وكما يظهر في الصور والفيديوهات، وهذا متسق مع وجود كلوريد البوتاسيوم، وهو عامل مؤكسد.

وأضاف أنه في المواد الخام لإنتاج الكلور، يُعتبر البروميد ملوثاً متوقعًا لا يتم إزالته دائمًا في عملية الإنتاج، ويكون هذا البروم / البروميد غالبًا موجودًا في المنتجات الفرعية، وبالتالي يمكن توقع وجوده، بتركيزات أقل بكثير، كلما تم اكتشاف الكلور / الكلوريد، لذلك، فمن المعقول افتراض أنه إذا تم اكتشاف وجود الكلوريد، فقد يكون وجود البروميد مرتبطًا بالكلوريد بدلاً من مصادر أخرى.

وانتهى التقرير إلى أنه بمفردها، لا تُعطي أي من مصادر المعلومات أو الأدلة وزنًا قويًا بشكل خاص حول ما إذا كان هناك استخدام لمادة كيميائية سامة كسلاح، ومع ذلك، أكد التقرير أنه عندما يُنظر إليها بشكل كامل، فإنه تم جمع ما يكفي من الحقائق للخروج بنتيجة أن الحوادث في محافظة إدلب في التواريخ المحددة، على الأرجح شملت استخدام مادة كيميائية سامة كسلاح، دون استنتاجات قاطعة بشأن تحديد المادة الكيميائية، على الرغم من وجود عوامل تشير إلى أن المادة ربما تحتوي على عنصر الكلور.

Scroll to Top